أناشيد بعل
بقلم – ابتهاج يونس
عندما يُذكر “بعل”، حاله كأيقونة ترجع بذهننا
لعصر رومانسي من الفكر الإنساني، تسوده الفنتازيا والأسطورة … عصر الحلول
الذي تتجسد فيه قوى الطبيعة وما وراء الطبيعة في ذوات إنسانية خارقة أو
محددة، فتنسج لنا ملاحم وفنون تنبئناعن أفكارهم وأحداث حياتهم. فيتسنّى لنا
الربط بين أحداث تاريخية كثيرة وصلت إلينا اليوم، منها قدسية ومنها محرمة،
منها المؤكد ومنها المحتمل، فنتعرف على جذور أفكارنا وعباداتنا وعاداتنا …
هذا ما حدث معي عند قراءتي لأناشيد بعل التي أشعلت خلايا الدمج في عقلي
لتربط بين معلومات وعادات قديمة تشربناها في صغرنا، فأحببت أن أشارككم ما
عرفته وما وصلت إليه من ارتباطات.
كتاب “أناشيد البعل: قراءة جديدة للأساطير
الأوغاريتية” لحسني حداد وسليم مجاعص – يجمع فيه نصوص الأوغاريتيين التي
تناجي بعل بملحمات عديدة، وهو نتاج اكتشاف أثري لمنطقة رأس شمرا في 1929،
وقد بُعثت الحملات الأثرية الفرنسية للتنقيب تحت إشراف الأركيولوجي: شيفر،
وقد وجدوا آلاف اللوحات مرتبطة بمكتبة هيكل البعل، وهي في مختلف
الاختصاصات، ومنها ما كان أدبيا كأناشيد بعل، والتي كتبها “إيليملك
الشوباني” بإملاء رئيس الكهنة في هيكل البعل في عهد الملك الأوغاريتي
“نقماد” بين قرني الــ 16 و12 ق.م. وقد واجه الباحثون صعوبة في الترجمة
بسبب تلف الألواح وتكسرها، وفقدان بعضها وامتساح بعض أجزاءها بفعل العوامل
الطبيعية. وفي الجانب الآخر تم التحيز في تفسير الألواح لدى البعض لأسباب
أيديولوجية، فمنها من راح يفسرها بخلفية عبرانية، ومنهم من فسرها بخلفية
عربية قومية وذلك لقرب اللغة الأوغاريتية من الأكادية والعبرية والعربية،
لكونهم من الجذر نفسه.
على كلٍ، رأى الكاتبان تسمية الكتاب بـ
“أناشيد البعل” – أي ليس نشيدا واحدا – لأنهم ارتأوا تقسيم الملحمة إلى
ثلاثة أقسام لأسباب: أولها تنسيقية، أي كل نشيد له وحدة موضوع وإن تم الدمج
النص كله دفعة واحدة قد يتعسر على القارئ الربط. ثانيا: لأنها لم تكتب مرة
واحدة بل أعيد كتابتها عدة مرات. وأخيرا: للأناشيد وظيفة احتفالية موسمية
تتلى في رأس كل سنة جديدة من التقويم الأوغاريتي، والذي يبدأ كل خريف